يَكتُب الإنْسان حِين يُوقن أنَّ كلماته لَيسَت مُجرَّد حِبْر على ورق، بل شَهادَة لِلتَّاريخ وَموقِف أَمَام الضَّمير. وَمِن هذَا المنْطلق أَكتُب اَلْيَوم، واضعًا مَصْلَحة الوطن فَوْق أيِّ اِعتِبار شخْصيٍّ، مُسْتحْضرًا دائمًا توْجيهات فَخامَة اَلرئِيس عَبْد الفتَّاح السِّيسي بِأنَّ النَّقْد البنَّاء وَاجِب وطنيٍّ، وأنَّ الهدف الأسْمى هُو حِماية الدَّوْلة المصْريَّة ومؤسَّساتهَا مِن أيِّ خلل أو تراجع. وقد أُتيحتْ لِي عَبْر السَّنوات فُرصَة الاطِّلاع على تَجارِب تَنموِية مُسْتدامة مُتعدِّدة، مِن خِلَال زِياراتي لِلْولايات المتَّحدة الأمْريكيَّة والْعديد مِن الدُّول الأوربِّيَّة والْعربيَّة لِحضور مُؤْتمرات عِلْميَّة ودوْرَات تدْريبيَّة، وإقامتي فِي إِنْجلْترا، وَعمَلِي فِي بَعْض دُوَل الخليج. هَذِه الخبْرات المتنوِّعة أَكدَت لِي أنَّ مِصْر تَبقَّى القلْب الحقيقيُّ لِكلِّ إِنْجاز، وأنَّ الانْتماء إِليْهَا هُو البوصلة اَلتِي تَمنَح الإنْسان قِيمتَه. وَمِن هذَا اَليقِين أَكتُب، بعيدًا عن المبالغة أو المجاملة، لِأبْرز إِنْجازات تَستَحِق أنَّ تُرْوى، مُؤْمِنا بِمَا قَالَه فَخامَة اَلرئِيس إِنَّ المصْداقيَّة والشَّفافيَّة هُمَا الأسَاس لِبناء اَلثقَة بَيْن المواطن والْمسْؤول.

مُحَافظَة أَسيُوط، قَلْب الصَّعيد، شَهدَت مُنْذ تولِّي اللِّوَاء هِشَام أَبُو النَّصْر مَنصِب المحافظ حراكًا إِدارِيًّا وَخدمِيا ملْحوظا. الرَّجل القادم مِن خَلفِية أَمنِية وإداريَّة ظهر حريصًا على المتابعة الميْدانيَّة الدَّقيقة، وَتنظِيم الجوْلات التَّفقُّديَّة لِلْمدارس والْمسْتشْفيات والطُّرق. هذَا اَلحُضور على الأرْض يَعكِس إِدْراكه أنَّ الإدارة التَّنْفيذيَّة الحقيقيَّة تَقُوم على المتابعة والْفَهْم الحقيقيِّ لِاحْتياجات المواطنين مُباشرةً. ومع ذَلكَ، فَإِن التَّرْكيز على الجوْلات الميْدانيَّة وَحدَه لَا يَكفِي إِذَا لَم يَقتَرِن بِآليَّات مُؤسَّسِيَّة تَضمَّن اِسْتدامة الإصْلاح وتجاوز الطَّابع اَلفرْدِي لِلْحلول السَّريعة.

مِلفُّ البنْية التَّحْتيَّة، أحد أَكبَر التَّحدِّيات فِي المحافظة، كان حاضرًا بِقوَّة فِي أوْلويَّات اللِّوَاء هِشَام أَبُو النَّصْرْ. فَقْد شَهدَت المحافظة أَعمَال رَصْف وَتطوِير لِلطُّرق الدَّاخليَّة، إِلى جَانِب الدَّفْع بِمشْروعات مِيَاه الشُّرْب والصَّرْف الصِّحِّيِّ اَلتِي طال اِنْتظارهَا فِي بَعْض اَلقُرى. هَذِه اَلجُهود ساعدتْ فِي تَحسِين حَيَاة المواطنين اليوْميَّة، لَكِنهَا تَحْتاج مُتَابعَة مُسْتمِرَّة لِضمان اِسْتدامتها، وتوْسيعهَا لِتشْمل جميع المناطق اَلتِي تُعَانِي نَقْص الخدْمات، حَتَّى يَشعُر المواطن أنَّ الخدْمة تَصِل إِلى كُلِّ بَيْت بِلَا اِسْتثْناء.

فِي قِطَاع التَّعْليم، تَابِع المحافظ مشْروعات بِنَاء مَدارِس جَدِيدَة وَتوسِعة القائم مِنهَا لِمواجهة الكثافة الطُّلَّابيَّة. أَمَّا فِي الصِّحَّة، فجاءتْ زِياراته المتكرِّرة لِلْمسْتشْفيات والْوحدات الصِّحِّيَّة كإشارة وَاضِحة إِلى أنَّ الملفَّ اَلخدْمِي يَحظَى بِمتابعة شخْصيَّة. غَيْر أنَّ تَحسِين مُستَوَى الخدْمات يَتَطلَّب حُلولا هَيكلِية أَعمَق تَتَعلَّق بِالْكوادر والْأجْهزة الطِّبِّيَّة، لَا تَقتَصِر فقط على الجوْلات الميْدانيَّة. هَذِه الجوْلات تَعكِس اِهْتمامًا واضحًا بِالْمِلفِّ الخدْميِّ، لَكِنهَا تَفتَح اَلْباب لِلتَّساؤل حَوْل مدى كِفاية الجوْلات الميْدانيَّة وحْدهَا فِي تَحقِيق تَحسِين مُستدَام فِي جَودَة الخدْمات.

مِلفُّ النَّظافة كَذلِك شَهِد نشاطًا لَافتا، مِن خِلَال حَمَلات رَفْع المخلَّفات. هَذِه اَلجُهود أَحدَثت أثرًا إِيجابيًّا فِي بَعْض المناطق، لَكِن التَّحَدِّي الحقيقيَّ يَكمُن فِي ضَمَان اِسْتدامتهَا وتحْويلهَا إِلى مَنظُومة مُتكاملة، لََا مُجرَّد حَمَلات مَوسمِية سُرْعان مَا تَنتَهِي آثارها. كمَا يَتَطلَّب الأمْر تَنظِيم مُبادرات لِلتَّوْعية البيئيَّة.

على صعيد التَّواصل المجْتمعيِّ، حِرْص المحافظ هِشَام أَبُو النَّصْر على عَقْد لِقاءَات مُبَاشرَة مع المواطنين، لِلاسْتماع إِلى شكاواهم ومقْترحاتهمْ. هذَا الأسْلوب يَترُك اِنْطباعًا إِيجابيًّا طيِّبًا لَدى المواطن، لَكِن مَا يَضمَن فاعليَّته هُو وُجُود آليَّات مُؤسَّسِيَّة مُسْتدامة وَاضِحة تُترْجَم مَا يَطرَح إِلى قرارَات تنْفيذيَّة عَمَليَّة وَحلُول ملْموسة، بِحَيث لََا تظلُّ بَعْض القضايَا عَالِقة ضِمْن حُدُود النِّقَاش فقطْ.

أَمَّا عن الاسْتثْمار، فالْمحافظة تَمتَلِك فُرَصا وَاعِدة بِفَضل المنْطقة التِّكْنولوجيَّة والْمناطق الصِّناعيَّة. جُهُود المحافظ فِي هذَا الملفِّ إِيجابيَّةً، لَكِن المسْتثْمر يَحْتاج إِلى بِيئة إِدارِيَّة أَكثَر مُرُونَة وسرْعَة، مع بِنْيَة تَحتِية قَويَّة تَضمَن لَه شُعورًا حَقيقِيا بِأنَّ أَسيُوط قَادِرة على اِحتِضان مشْروعات كَبِيرَة ومسْتدامة، بِحَيث يَشعُر المسْتثْمر أنَّ البيئة مُوَاتيَة وأنَّ الجهَاز الإداريَّ شريك فِعْلِي فِي التَّنْمية.

تَشهَد أَسيُوط فِي عَهْد المحافظ هِشَام أَبُو النَّصْر إِنْجازات فِي مجالَات عِدَّة، لَكِن الملاحظ أنَّ الخطَاب اَلْعام يُركِّز على اِسْم المسْؤول أَكثَر مِن إِبرَاز العمل المؤسَّسيِّ. هذَا الميْل قد يَحِد مِن الإحْساس بِالْعَمل الجماعيِّ ويطْرح تساؤلات عن مدى رُسُوخ آليَّات الإدارة المؤسَّسيَّة فِي مُحَافظَة أَسيُوط. فعنْدَمَا تَرتَبِط الفاعليَّات والْمشْروعات بِصورة مَسئُول بِعيْنِه، يظلّ السُّؤَال مطْروحا: هل ستسْتَمرُّ هَذِه الإنْجازات بِالزَّخم نَفسِه إِذَا غاب هذَا المسْئول عن المشْهد؟ هُنَا تَكمُن الحاجة اَلملِحة إِلى إِبرَاز دَوْر الأجْهزة والْكوادر، حَتَّى يَشعُر المواطن أنَّ التَّنْمية نِتَاج مَنظُومة رَاسِخة لَا جُهْد فَردِي عابر.

إِنَّ أَسيُوط بِحاجة إِلى جُهُود مُسْتمِرَّة ومسْتدامة، وَإلَى إِدارة تَجمَع بَيْن الحزْم والرُّؤْية التَّنْمويَّة والتَّواصل الفعَّال مع المواطنين. الإنْجازات اَلتِي شهدتْهَا المحافظة خِلَال فَترَة اللِّوَاء هِشَام أَبُو النَّصْر خُطوَة مُهمَّة وتحْسب لَهُ، لَكِنهَا بِداية طريق طويل يَحْتاج إِلى مزيد مِن التَّخْطيط والرُّؤْية الشَّاملة، وتحْتَاج إِلى التَّعَمُّق والتَّخْطيط المسْتقْبليِّ، لِضمان أن تَتَحوَّل اَلجُهود المبْذولة إِلى بِنَاء تَنمَوِي مُتكامل. الوطن يَحْتاج إِلى مسْؤولين يَضعُون مَصْلَحة المواطن فَوْق كُلِّ اِعْتبار، ويترْجمون الرُّؤْية الوطنيَّة إِلى وَاقِع مَلمُوس، بعيدًا عن الظُّهور الإعْلاميِّ أو المبادرات المؤقَّتة. ويبْقى الأمل مَعقُودا على أن تَستَمِر جُهُود التَّطْوير، بِدَعم الدَّوْلة وأبْنَاء أَسيُوط المخْلصين.

إِنَّ مِصْر اَلْيَوم، بِقيادة فَخامَة اَلرئِيس عَبْد الفتَّاح السِّيسي، وَهِي تَسعَى لِترْسِيخ الجمْهوريَّة الجديدة، أَظهَرت قُدرَة وَاضِحة على اِسْتقْبال الملاحظات البنَّاءة بِاعْتبارهَا أَدَاة لِتطْوِير الأدَاء وَتعزِيز مُؤسسَات الدَّوْلة. يُؤكِّد فَخامَة اَلرئِيس مِرارًا أنَّ الشَّفافيَّة والْمصْداقيَّة هُمَا أَسَاس أيِّ عمل عامٍّ، وأنَّ المسْؤول الحقيقيَّ هُو مِن يَقبَل المراجعة ويتعامل مع الملاحظات كَفُرصَة لِتحْسِين الخدْمة المقدَّمة لِلْمواطن. كمَا قال سِيادته: “قَولُوا لِلنَّاس الحقيقة، حَتَّى لَو كَانَت صَعبَة”، لِتؤكِّد هَذِه الكلمات أنَّ الملاحظات الموْضوعيَّة جُزْء لَا يَتَجزَّأ مِن بِنَاء مُؤسسَات قَويَّة ومسْتقرَّة، ويضْمن أنَّ الإنْجازات تَرتَبِط بِالْعَمل المؤسَّسيِّ والْجهْد الجماعيِّ، لَا بِالْمظاهر الفرْديَّة أو الظُّهور الإعْلاميِّ.

أَكتُب بِروح وَطَنيَّة صادقَة، أُردِّد دائمًا كلمات اَلرئِيس اَلتِي أَصبَحت مَبدَأ لِلْعمل العامِّ: “مِصْر فَوْق اَلجمِيع”. وَمِن يضع مَصْلَحة الوطن فِي المقدِّمة لَن يَخشَى المتابعة أو التَّقْييم. التَّاريخ لَا يَرحَم مِن يتقاعس، لَكنَّه يُخلِّد مِن يَعمَل بِصدْق وإخْلاص. وأسْيوط اَلْيَوم، بِفَضل أبْنائهَا ومسْؤوليها، قَادِرة على أن تَكُون نموذَجًا لِصعيد وَاعِد يُسْهِم فِي بِنَاء الجمْهوريَّة الجديدة.

 حِفْظ اَللَّه مِصْر ورئيسهَا وَشعبِها مِن كُلِّ سُوء، وَأَدام عليْنَا جميعًا الصِّحَّة، والسَّلامة، والْأمْن، والْعافية.

Scroll to Top